♻♻الحــديث التســـعون ♻♻
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول:ُ
«ِ إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّن وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ،
فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ
وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيه »
فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ
وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيه »
متفق عليه ...مسلم/١٥٩٩ِ
وفي رواية للبخاري :
« وَالْمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَه»ُ
١ شـرح الحديث
قوله: (إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّن)ٌ
في هذا الحديث تقسيم للأحكام إلى ثلاثة أقسام:
حلال بيّن كلٌّ يعرفه.
كالثمر، والبر، واللباس غير المحرم وأشياء ليس لها حصر.
حرامٌ بيّن كلٌّ يعرفه.
كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر وما أشبه ذلك.
مشتبه لا يعرف هل هو حلال أوحرام؟
وسبب الاشتباه فيها
إما: الاشتباه في الدليل،
وإما الاشتباه في انطباق الدليل على المسألة،
فتارةً يكون الاشتباه في الحكم، وتارةً يكون في محل الحكم.
🎋الاشتباه في الدليل: بأن يكون الحديث:
أولاً: هل صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يصحّ؟
ثانياً: هل يدل على هذا الحكم أو لا يدل؟
🎋وأما الاشتباه في محل الحكم:
فهل ينطبق هذا الحديث على هذه المسألة بعينها أو لا ينطبق؟
( لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ): يعني؛ هذه المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ويعلمهن كثير، ـ فكثير لا يعلم..ـ وكثير يعلم،
ولم يقل :(لايعلمهن أكثر الناس)، فلو قال: لا يعلمهن أكثر الناس
..... لصار الذين يعلمون قليلاً.
إذاً فقوله(لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس)ِ
ــ إما لقلة علمهم ــ وإما لقلة فهمهم ــ وإما لتقصيرهم في المعرفة.
(فَمَن اِتَّقَى الشُّبُهَاتِ ): أي تجنبها.
(فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ ): أي أخذ البراءة.
(لِدِيْنِهِ ) فيما بينه وبين الله تعالى.
(وَعِرْضِهِ) فيما بينه وبين الناس، لأن الأمور المشتبهة إذا ارتكبها الإنسان صار عرضة للناس يتكلمون في عرضه بقولهم: هذا رجل يفعل كذا ويفعل كذا، وكذلك فيما بينه وبين الله تعالى.
(وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فَي الحَرَامِ ):هذه جملة شرطية.
وَمَنْ وَقَعَ فَي الشُّبُهَاتِ : أي فعلها
وَقَعَ في الحَرَامِ هذا الجملة تحتمل معنيين:
♦الأول:أن ممارسة المشتبهات حرام.
♦الثاني:أنه ذريعة إلى الوقوع في المحرم،
وبالنظر في المثال الذي ضربه صلى الله عليه وسلم يتضح لنا أي المعنيين أصح.
🔻 والمثال المضروب:
(كَالرَّاعِي) :أي راعي الإبل أو البقر أو الغنم.
(يَرْعَى حَوْلَ الِحمَى): أي حول المكان المحمي،لأنه قد يُتخذ مكانٌ يُحمَى فلا يُرعَى فيه إما بحق أو بغير حق،والراعي حول هذه القطعة يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ أي يقرب أن يقع فيه،لأن البهائم إذا رأت هذه الأرض المحمية مخضرة مملوءة من العشب فسوف تدخل هذه القطعة المحمية،ويصعب منعها، كذلك المشتبهات إذا حام حولها العبد فإنه يصعب عليه أن يمنع نفسه عنها.
♦وبهذا المثال يقرب أن معنى قوله مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ
〰♦أي أوشك أن يقع في الحرام، لأن المثال يوضح المعنى.
********
⛅مثال المشتبه:
شرب الدخان كان من المشتبه في أول ظهوره،لكن تبين الآن بعد تقدم الطب، وبعد أن درس الناس حال هذا الدخان قطعاً بأنه حرام ، ولا إشكال عندنا في ذلك، وعلى هذا فالدخان عند أول ظهوره كان من الأمور المشتبهة ولم يكن من الأمور البينة،ثم تحقق تحريمه والمنع منه.
أسباب الاشتباه أربعة:
1) قلة العلم:
فقلة العلم توجب الاشتباه، لأن واسع العلم يعرف أشياء لا يعرفها الآخرون.
2) قلة الفهم:
أي ضعف الفهم، وذلك بأن يكون صاحب علمٍ واسعٍ كثير،
ولكنه لا يفهم، فهذا تشتبه عليه الأمور.
3) التقصير في التدبر:
بأن لا يتعب نفسه في التدبر والبحث ومعرفة المعاني بحجة عدم لزوم ذلك.
4) وهو أعظمها: سوء القصد:
بأن لا يقصد الإنسان إلا نصر قوله فقط بقطع النظر عن كونه صواباً أو خطأً، فمن هذه نيته فإنه يحرم الوصول إلى العلم،
...نسأل الله العافية،لأنه يقصد من العلم اتباع الهوى.
وهذا الاشتباه لا يكون على جميع الناس بدليلين:
أحدهما من النص: قوله:( لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس)ِ؛يعني كثيراً يعلمهن،
والثاني من المعنى : فلو كانت النصوص مشتبهة على جميع الناس....
↩ لم يكن القرآن بياناً ولبقي شيء من الشريعة مجهولاً،
↩↩ وهذا متعذر وممتنع.
شرح الأربعين النوويه/ الشيخ ابن عثيمين الحديث السادس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق